عاد النازحون… فهل العود أحمد؟
علي بدر الدين
علي بدر الدين
بعد 66 يوماً من النزوح القسري من مدننا وقرانا وبيوتنا بفعل الحرب الإسرائيلية الهمجية والمتوحشة على لبنان، والتي استهدفت المدنيين ودمَّرت البيوت والأبنية والأملاك العامة والخاصة، وأحرقت الزرع وقتلت الضرع عُدنا، ولكن هل يصحُّ القول إنّ «العود أحمدُ»؟ بعد أن عانى النازحون كثيراً وخاصة الذين «نزلوا» في ما سُمِّي مراكز الإيواء في مباني المدارس الرسمية في مختلف المناطق اللبنانية، أو في ما تعرَّض له الذين استأجروا منازلَ وشققاً مفروشة وغير مفروشة وشاليهات من ابتزاز مالي من أصحابها الذين رفعوا من قيمة إيجارها إلى حدٍّ غير مقبول، مع ما شكَّل ذلك من استغلالٍ غير أخلاقي وغير إنساني وغير وطني للنازحين الذين كانوا تحت الضغط وثقل الأعباء المالية، وقد ضاقت الخيارات أمامهم مما فرض عليهم القبول بالأمر الواقع السيّئ والظالم الذي انعدمت فيه روح المواطنة الصحيحة والشراكة الوطنية الفعلية، في ظروف استثنائية كان يجب أن تُعمَّد بالتعاون في السرَّاء والضرَّاء بين كل مكونات الشعب اللبناني.
ولكن هذه الفئة القليلة من الجشعين والمستغلين والنفوس السيئة، لا تلغي او تنفي وجود أكثرية من الشعب اللبناني جسّدت روح التعاون والشراكة الوطنية والاحتضان لإخوانهم النازحين في مختلف المناطق اللبنانية.
وهذا هو الفعل الصّحّ والمطلوب دائماً تفعيله والتشجيع والتحفيز عليه، من أجل أن يبقى لبنان وطناً يتّسع لجميع مواطنيه ومكوناتهم السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية.
العودة كانت حلماً لطالما انتظره النازحون واللبنانيون (بإستثناء جماعة المستغلين والطماعين)، وقد حصل ذلك ليس منّة من أحد بل بصمود المقاومين وتضحياتهم ودمائهم الزاكية على أرض الجنوب، ومنعهم للعدو الإسرائيلي وجيشه الغازي من التوغل واحتلال القرى والمنازل، وبسبب احتضان الشعب اللبناني بمعظمه للمقاومة ووضع ثقته بها وبقدرتها على التصدي للعدو وردعه وتكبيده خسائر كبيرة بالعديد والعتاد، وبصبر النازحين الذين ظلوا رغم ما عانوه في نزوحهم من ظلم وقسوة وذلّ وإهمال، إلاّ أنهم كانوا يكظمون الغيظ ويتطلعون بثقة وأمل إلى انّ الخلاص قريب والعودة ستكون حكماً على أيدي رجال الله في الميدان، وقد تحقق الوعد، والعودة التي لن يكتمل الفرح فيها، لأنّ معظم النازحين فَقَدَ شهيداً أو شهيدة أو قريباً أو جاراً أو صديقاً أو إبن بلد، وبعضهم فقدَ بيته أو تضرّر ولم يعُد يصلح للسكن أو دمّر العدو محاله وأملاكه وأحرق حقله وزرعه وأشجاره.
نعم عُدنا، والعودة مع أنها تركت غصّة على فقد الأحبة وعلى الدمار الكبير الذي طال مدناً كبرى كصور والنبطية وبعلبك والضاحية الجنوبية وبعض المباني التي استهدفتها طائرات العدو وصواريخها في بيروت والجبل والإقليم الشوف والشمال (في عكار وزغرتا) الاً أنها عودة النازحين المنتصرين.